التغيرات الاجتماعية وأثرها على ديموجرافية سكان سلطنة عمان. Social Changes and Their Impact on the Demographics of the Population of the Sultanate of Oman

14-02-2015 20:33

تتشابك العلاقة بين التغيرات الاجتماعية والديموجرافية تأثيرا وتأثرا، فتارة نجد أن التغيرات الديموجرافية مثل الزيادة فى معدلات الإنجاب وبالتالى زيادة السكان فى سن العمل تؤدى إلى تغيرات إجتماعية مثل إنتشار البطالة وغيرها. بينما نجد التغيرات الاجتماعية مثل تحسين مستويات الرعاية الصحية وانتشار التعليم يؤثران فى ظاهرات ديموجرافية مثل: إنخفاض معدلات الوفيات والخصوبة، وإرتفاع متوسط العمر عند الميلاد، كما يساهم التحضر فى إعادة توزيع السكان رغم المشاكل المترتبة على ارتفاع مستوياته. وقد شهد المجتمع العماني تحولات اقتصادية تمثلت في استخدام العائدات البترولية في عمليات التنمية والتحديث، وصاحبتها تحولات اجتماعية عدة منذ بداية عام 1970 (عصر النهضة)، ولعل أهمها: التطور الكبير فى مستويات الرعاية الصحية، وانتشار التعليم والتحضر. وقد ادى ذلك إلى تحولات ديموجرافية مثل انخفاض معدلات الوفيات والخصوبة، وإنخفاض مستويات الأمية وتطور المهارات العلمية للسكان العمانيين.

وتستهدف الدراسة رصد التغيرات الاجتماعية التى حدثت بالمجتمع العمانى منذ بداية النهضة وتأثيراتها  على ديموجرافية السكان فى عمان، وتوضيح الاختلاف الجغرافي والمكاني للتغيرات المختلفة، وكذلك رصد مستويات التحضر ودورها فى إعادة توزيع السكان.

تعتمد الدراسة بشكل رئيس على تحليل بيانات كل من الرعاية الصحية والتعليم والتحضر وفق أحدث الاحصاءات المتوفرة عن سلطنة عمان ومكوناتها الإدارية، وذلك من المؤسسات والهيئات الحكومية العمانية والاقليمية والدولية. وكذلك تحليل بيانات تعداد 2010، ولإجراء المقارنات ولبيان التطور والاختلاف سوف تستخدم بيانات تعدادى 1993 و 2003 كلما لزم الأمر، للوصول إلى تحليل أعمق وأدق للظاهرة. هذا بالإضافة للمصادر الإحصائية الدولية، والمحلية، وكذلك الدراسات الجغرافية وغير الجغرافية السابقة عن السكان في عمان وخارجها. وتمت عملية التحليل والعرض بإستخدام البرامج الاحصائية وبرامج نظم المعلومات الجغرافية GIS.

وتوضح الدراسة أولاً أن تحسين مستويات الرعاية الصحية من مؤسسات وعاملين إنعكس على ديموجرافية السكان ومن ثم إنخفضت معدلات الوفيات والمواليد، وبالتالى ارتفع متوسط العمرعند الميلاد. ثانياً كان لإنتشار التعليم وتحسين مستوياته دورا كبيرا فى انخفاض نسبة الأمية وارتفاع نسبة المتعلمين، وكذلك أرتفاع نسبة غير المتزوجين وانخفاض نسبة المتزوجين، مما أدى إلى ارتفاع السن عند الزواج الأول، وانخراط المرأة العمانية فى سوق العمل، الأمر الذى ساهم فى تخفيض معدلات الخصوبة الكلية  

وكشفت الدراسة عن عملية إعادة توزيع السكان بين الريف والحضر، بسبب النمو الحضرى الكبير وغير المسبوق فى سلطنة عمان، حيث ارتفعت نسبة سكان الحضر من 5.0% فقط فى خمسينيات القرن الماضى إلى 75.0% عام 2010.

وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات تهدف إلى تحسين صحة السكان ومهاراتهم عن طريق تحسبن الخدمات فى المحافظات والولايات العمانية، وفى المناطق الريفية والبدوية لتقليل تيارات الهجرة الريفية إلى المراكز الحضرية بصفة عامة ومسقط بصفة خاصة.