رضا مسعد السعيد(2005):مدخل منظومى ثلاثى البعد لتنظيم محتوى المناهج الدراسية

01-12-2012 01:01

جامعة المنوفية

 كلية التربية

 

 

 

 

مدخـــل منظومي ثلاثي البعد لتنظيـــم

محتــوي المناهج المدرسيـــة

 

 

 

 

 

إعداد

أ.د / رضا مسعد السعيد

وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب

 

ورقة مقدمة إلي:

المؤتمر الرابع للمدخل المنظومي في التدريس والتعلم

دار الضيافة جامعة عين شمس

3-4 أبريل (نيسان )2004

1- مقدمة :

       من المقومات النظرية في التدريس وضع الأهداف التعليمية ، والتعرف علي أنماط المحتوي التعليمي ، والإلمام بإجراءات تحليلية، ثم التعرف علي النماذج التي إبتكرت في تنظيم المحتوي التعليمي قبل البدء في عملية التدريس وذلك لكي تكون هذه النماذج أساساً يستخدم في عملية التدريس ودليلاً يرشد المعلم إلى كيفية التدرج والتسلسل في عرض المعلومات المراد تدريسها وإستخدام طرائق فعالة للتدريس تتفق مع الطرق التي نظمت بها المعلومات كما أن التنظيم يحقق إختصاراً في الوقت وتوفيراً في الجهد وتحسيناً في جودة التعليم ويعمل علي إستمراريته، كما أنه مفتاح لإسترجاع المعلومات في ذاكرة المتعلم وفهمها وإستخدامها في حياته. فتنظيم المحتوي التعليمي عملية مثيرة لدافعية المتعلم، وحائزة لحب إستطلاعه، ومعززة لتعلمه.

       وتعرف نماذج تنظيم المحتوي التعليمي بأنها تلك الطرق التي تبحث في كيفية تجميع وتركيب أجزاء المحتوي التعليمي وفق نسق معين وبيان العلاقات الداخلية التي تربط بين أجزائه، والعلاقات الخارجية التي تربطه بموضوعات أخري، وبشكل يؤدي إلى تحقيق الأهداف التعليمية التي وضع من أجلها.

(فاروق فهمي ، مني عبدالصبور 2001: 118)

       وتعتبر عملية تنظيم المحتوي من أهم العمليات التي تتبع عملية إختيار المحتوي، فالموضوعات الرئيسية والأفكار المحورية التي يتضمنها الموضوع والمادة الخاصة بهذه الأفكار تحتاج إلى تنظيم بحيث تبدأ من المعلوم إلى المجهول، أو من المحسوس إلى المجرد، أو من المألوف إلى غير المألوف ، أو من المباشر إلى غير المباشر أو من البسيط إلى المركب إلى الأكثر تركيباً ، حيث تسير عملية تعلم التلاميذ، كما أن الأفكار المحورية تحتاج في تنظيمها إلى تتابع بحيث تتقدم من تلك الأفكار التي تعتبر خلفية إدراكية للتلاميذ إلى أفكار غيرها تبني علي أساس تلك الخلفية، ويشترط في هذا التتابع أن يحث التلاميذ علي إستخدام عمليات عقلية ترقي تدريجياً بتقدم الأفكار في حلقات هذا التتابع ويراعي أيضاً أن عملية التنظيم تساعد التلاميذ علي تحصيل المفاهيم المجردة وتنمي من قدراتهم علي حل المشكلات، ومهاراتهم في تحليل المعلومات، والكشف عنها. (محمد المفتي وحلمي الوكيل،1996: 142—143).

2- المداخل الخطية لتنظيم المحتوي:

       ظهرت مداخل عدة في تنظيم المحتوي لكل منها أسسه التربوية والنفسية التي يقوم عليها وسوف نعرض لأبرز هذه المداخل أولاً ثم نصل إلى مدخل أحدث لتنظيم المحتوي وهو المدخل المنظومي.

(2-1) المدخل المنطقي لتنظيم المحتوي:

       يعتبر المدخل المنطقي لتنظيم المحتوي من أقدم المداخل وأكثرها شيوعاً لأنه يتمشي مع الأسس المنطقية لتنظيم المعرفة الإنسانية من وجهة نظر العلماء، في وضوء التصور العام السائد (رشدي لبيب وفايز مراد مينا ، 1993 :167-168).

       ويختلف هذا التنظيم من مادة إلى أخري كالآتي:

1- من القديم إلى الجديد:

       ولعل من أبلغ أمثلته تنظيم التاريخ بحيث تبدأ مع بداية الإنسان وتسير قدما خلال الحقب التاريخية المتتالية حتي نصل إلى الحاضر.

2- من البسيط إلى المركب:

       ويستند هذا التنظيم علي القول بأن كل شئ يتكون من أجزاء متجمعة معا، وإذا درست كل هذه الأجزاء فهم الكل.

3- من المسلمات إلى النظريات:

       والمثال الواضح في هذا المجال هو الرياضيات حيث يبدأ النظام الرياضي من مجموعة من المسلمات ثم يأتي بعد ذلك النتائج المترتبة عليها من نظريات     (مثل المسلمات التي بني عليها إقليدس هندسته المعروفة بالهندسة الإقليدية).

­       وقد تناول (Smith) وزملاؤه هذا المدخل من منظور آخر حيث ذكروا أن هناك أربعة طرق علي الأقل تنظم بها المادة العلمية بما يخدم هدف عرضها وشرحها وتوضيحها وهذه الطرق الأربعة هي:

أ‌-  التدرج من البسيط إلى الأكثر تعقيداً، والبسيط هنا هو ما يحتوي علي عدد أقل من العناصر بينما المركب هو ما يتكون من عدد أكبر من تلك العناصر.

ب- ترتيب الحقائق منطقياً بحيث تبني الحقائق الجديدة علي أساس حقائق سابقة لها. فمثلاً للوصول إلى تعميم أو قاعدة علمية معينة ترتب الحقائق منطقياً بحيث تبني حقيقة علي أخري سابقة لها حتي يمكن الوصول إلى التعميم أو القاعدة المطلوب الوصول إليها، ففي الهندسة ترتب النظريات الهندسية ترتيباً متسلسلاً بحيث تبني مسلمات النظرية الجديدة علي أساس حقائق النظريات السابقة لها.

جـ- التدرج من الكل إلى الجزء.

د- ترتيب الأحداث ترتيباً زمنياً.

(Smith, 1957:29)

(2-2) المدخل السيكولوجي:

       يري التربويون ضرورة الإعتماد علي الأسس النفسية المرتبطة بخصائص النمو وحاجات وإهتمامات وميول ومشكلات التلاميذ في تنظيم محتوي المنهج، وبحيث يمس هذا المحتوي حاجات المتعلمين ويناسب ميولهم ويساعدهم في حل مشكلاتهم فينشطون ويتفاعلون ويشاركون في عملية التعليم (حسن شحاتة،1998: 80).

       والمدخل السيكولوجي يقصد به أن يدرس التلميذ معظم المواد الدراسية منذ دخوله المدرسة الإبتدائية علي أن يتعمق في دراسة هذه الموضوعات سنة بعد أخري حسب نموه وتقدمه في الصفوف الدراسية وحسب نضجه وقدرته علي الفهم وليس حسب الروابط المنطقية القائمة بين موضوعات تلك المادة. (محمود أبو زيد،1991 : 25).

       ووفقاً للمدخل السيكولوجي يمكن تنظيم محتوي المنهج بناءاً علي نظريات التعلم حيث يتزايد الإهتمام بضرورة تطبيق نظريات التعلم في تنظيم المحتوي حتي يمكن تحديد وتوصيف الإجراءات اللازمة لتنظيم مواد التعليم وتوجيه ممارسات المعلم في المواقف التعليمية لتحقيق فاعلية أكبر للتدريس وبالتالي تعلم أفضل.

       وبالرجوع إلى نظريات التعلم التي تسعي إلى تنظيم المحتوي الدراسي، وتوصيف ممارسات المعلم داخل حجرة الدراسة نجد أنها تختلف حول قضايا ومفاهيم لعل أهمها يتعلق بكيفية حدوث التعلم وبنية المادة المعرفية، وبأفضل طرق تنظيمها لتيسير حدوث التعلم. (محمد أمين المفتي ، 1995: 155).

       ولعل هذا الإختلاف كان دافعاً لبعض الباحثين لإجراء دراسات عن كيفية تنظيم محتوي إحدي المواد وفق توصيف تنظيم المحتوي لإحدي نظريات التعلم. ومن هذه الدراسات والبحوث دراسة وبحث محمد المفتي عام 1980،1982 وتبني فيه نظرية جانييه، من خلال مدخل تحليل المهمة وأثره علي التحليل في موضوع الأسس والجذور وبحث محمد قنديل عام 1980، وبحث محمد صالح عام 1981 وتبنياً فيهما نظرية برونز ، وبحث نصرة الباقر عام 1985 وتبنت فيه نظرية أوزوبل، وقد كانت هناك نتائج إيجابية توصلت إليها هذه البحوث فيما يتعلق بأثر تنظيم محتوي مادة الرياضيات وفق توصيف إحدي نظريات التعلم المشار إليها.

(2-3) تنظيم المحتوي وفقاً لنظرية جانييه

       معايير تنظيم محتوي المنهج:

1- بالنسبة للتنظيم علي مستوي المحتوي الدراسي.

       *أن ينظم المحتوي من البسيط إلى المركب

       بمعني أن تنظم موضوعات محتوي المادة الدراسية بحيث يبدأ بأكثر الموضوعات بساطة ثم يتبعها الموضوع الأقل تركيباً فالأكثر تركيباً فالمعقد.

       *أن تكون موضوعات المحتوي في كل مستوي من مستويات التركيب بمثابة متطلبات قبلية لتعلم الموضوعات ذات المستوي الأكثر تركيباً.

       بمعني أن يرتبط كل موضوع بالموضوع الأكثر تركيباً منه بشكل يساعد علي حدوث الإنتقال الرأسي للتعلم كما عرفه جانييه.

(2-4) تنظيم المحتوي وفقاً لنظرية أو زوبل (Ausubel):

       -ينظم المحتوي من العام إلى الخاص بمعني أن ينظم المحتوي بحيث تقدم أكثر الأفكار والمفاهيم عمومية وشمولاً ثم بعد ذلك تتميز بإطراد في التفاصيل والتخصص لتصل إلى المعلومات التفصيلية الدقيقة المتخصصة.

       -ينظم المحتوي بحيث تترابط موضوعاته بطريقة منظمة وغير عشوائية. بمعني أن يرتبط كل موضوع أو مبدأ أو مفهوم جديد- بالنسبة للمتعلم- في المادة الدراسية بالموضوع أو المبدأ أو المفهوم الذي سبق أن تعلمه.

       - ينظم محتوي المادة الدراسية الواحدة بحيث يتحقق التكامل بين أجزاءه بمعني أن يتكامل كل جزء من محتوي المادة الدراسية مع الأجزاء الأخري من محتوي المادة ذاتها.

(2-5) تنظيم المحتوي وفقاً لنظرية برونر

-   ينظم المحتوي بتقديم المفاهيم والمبادئ بالتمثيلات الملموسة العملية، فالتمثيل بالنماذج والصور الذهنية ثم بالتمثيلات المجردة الرمزية.

-         ينظم المحتوي بحيث تترابط مفاهيمه ببعضها البعض، وكذلك مبادئه بشكل يسمح بإدراك الهيكل العام للمادة.

-   ينظم المحتوي بتقديم المفاهيم والمبادئ المرتبطة بهذه المفاهيم في صورة سلسلة متتالية من التعاريف والأمثلة والتصنيفات المتصاعدة التجريد والتعميم.

 

 

(3) المدخل المنظومي لتنظيم المحتوي:

       ينظم المحتوي وفق هذا المدخل في صورة منظومية شاملة تبرز العلاقات المتشابكة والمتداخلة والمتكاملة بين المفاهيم والأفكار المختلفة التي يتكون منها محتوي المنهج بصفة عامة ويمكن أن تشتق من هذه المنظومة الشاملة مجموعة من المنظومات الفرعية لبيان الأجزاء المختلفة لكل موضوع من موضوعات محتوي المنهج علي حدة، مع التأكيد علي توضيح العلاقات بين المنظومات الفرعية.

(فاروق فهمي، مني عبدالصبور،2001: 118-119)

ويهدف الأخذ بالمدخل المنظومي في العملية التعليمية بصفة عامة إلى:

1- رفع كفاءة وتطوير العملية التعليمية بصورة منظومية شاملة، قائمة علي نظرية سليمة لتغيير نظام التعليم ، وتؤكد علي أهمية تغيير طريقة تفكيرنا في كيفية التغيير والتطوير.

2-تنظيم محتوي المناهج الدراسية، حيث يراعي المدخل المنظومي كلاً من المدي والتتابع والتكامل، وبذلك يظهر المحتوي في صورة مترابطة ومتكاملة وذات معني مع إستبعاد الحشو والتكرار.

3- مساعدة الطلاب علي التعلم بشكل ذي معني، حيث يؤكد المدخل المنظومي علي ضرورة أن يدرك الطلاب بوضوح طبيعة ودور المفاهيم والعلاقة بينها.

4- إعطاء الطلاب الخبرات التعليمية بصورة منظومية، تتناغم فيها جوانب الخبرة المختلفة _المعرفية الوجدانية النفسحركية_ أثناء عملية التعلم.

5- تنمية قدرة الطلاب علي التفكير المنظومي، بحيث يكون الطالب قادراً علي الرؤية المستقبلية الشاملة لأي موضوع دون أن يفقد جزيئاته، أي يري الجزيئات في إطار كلي مترابط.

6- تنمية المهارات العليا للتفكير لدي الطلاب، وإنماء قدرتهم علي التحليل والتركيب لتنمية التفكير الإبتكاري الذي هو من أهم مخرجات أي نظام تعليمي ناجح.

7- تنمية قدرة الطلاب علي التفكير الإستدلالي والإستنباطي فالأفكار المتضمنة الواسعة والصغيرة تقدم أولاً في بعض الموضوعات ثم تصاغ صياغة إستدلالية أو إستنباطية يستخدم فيها التحليل خلال دراسة المخططات المنظومية كما يستخدم فيها بناء هذه المخططات أثناء عملية التعلم.

8- تنمية مهارات ما وراء المعرفة لدي الطلاب، حتي يستطيعوا أن يفكروا في مواقف الحياة المختلفة وذلك أثناء تدريبهم علي إستراتيجيات بناء المخططات المنظومية وإستراتيجية التساؤل أثناء عملية التعلم.

9- رفع كفاءة العملية التعليمية بوجه عام والتأكيد علي ربط فروع المعرفة المختلفة ربطاً منظومياً كلما أمكن ذلك.

10- إنماء القدرة علي إستخدام المدخل المنظومي عندما تناول أي مشكلة لوضع الحلول الإبداعية لها.

11- إعطاء منظومة عامة للمادة التي سيتم تعلمها.

(فاروق فهمي وجولاجوسكي : 2000)

       ويتطلب تطوير التعليم بصفة عامة تبني المدخل المنظومي من حيث النظر إلى التعليم كمنظومة متكاملة بما يعني أن تكون عملية التطوير شاملة لكل مكونات العملية التعليمية وإعتبار كل مكون منظومة فرعية لها أيضاً مكوناتها التي تترابط ترابطاً ديناميكياً بما يسمح للنمو التلقائي من داخل المنظومة ومع مشاركة ديمقراطية من قطاعات متعددة وخاصة المستفيدين والممسكين بمقاليد الأمور من ذوي التأثير المباشر للعملية التعليمية (Stakeholders) وقد أخذت بذلك العديد من الدول التي أحدثت تغييرات منظومية Systemic change في تطوير نفسها في الرياضيات (وليم عبيد، 2002: 3).

       وإذا كان التعليم منظومة متكاملة، فالمنهج يعد جزءاً من هذه المنظومة بما يتضمنه من مكونات تتفاعل مع بعضها مكونة منظومة فرعية من منظومة العملية التعليمية. حيث أن هذه المكونات مرتبطة ببعضها البعض وهذا يعني أن أي تغيير في أحد مكونات المنهج يؤدي إلى تغيير مكوناته الأخري وأن هناك علاقة إعتماد وتأثير بين هذه المكونات كما بالشكل.

                         

 

الأهداف

 

 

       المحتوي                    طرق التدريس              الأنشطة والوسائل

 

 

التقويم المستمر

 

 

التقويم النهائي

مكونات منظومة المنهج

فمن خلال الشكل السابق نجد أن هذه المكونات تتبادل العلاقات بينها وتتشابك صاعدة هابطة، آخذة معطية، مؤثرة متأثرة، فالأهداف تحدد المحتوي والمحتوي ينبئ بالأهداف ويتضمنها ويعمل علي تحقيقهما.

       ويقدم المحتوي بواسطة مجموعة من الطرق والأنشطة تناسب طبيعة هذا المحتوي لمساعدة التلاميذ علي تحقيق أهداف التعلم.

       والتقويم يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالمكونات الثلاثة الأخري _الأهداف والمحتوي والطرق والأنشطة_ يؤثر فيها ويتأثر بها فالتقويم يعتبر جهاز التحكم في منظومة المنهج (فارق فهمي ومني عبدالصبور 2001:55) ، (محمود الناقة: 2001: 3).

       وإذا عرفنا المنهج بأنه مجموعة من الخبرات التربوية التي تتيحها المدرسة للتلاميذ داخل حدودها أو خارجها بغية مساعدتهم علي نمو شخصيتهم في جوانبها المتعددة نمواً يتسق مع الأهداف التعليمية، فإنه يمكن بشئ من التبسيط القول بأن منظومة المنهج تتكون من مجموعة الخبرات التي يمر بها التلاميذ خلال فترة تعلمهم وبإستخدام المدخل المنظومي يمكن تنظيم هذه الخبرات من خلال منظومة تتضح فيها كافة العلاقات بينها كما هو مبين في الشكل التالي: (مني عبدالصبور:2001 : 3).

خبرة

 

 

                     خبرة                              خبرة

 

 

خبرة

تنظيم خبرات المنهج وفقاً للمدخل المنظومي

والمدخل المنظومي يساعد في تنظيم الخبرات المتضمنة في أي فرع من فروع المعرفة تنظيماً منهجياً من خلال البعدين التاليين.

-         التمثيل الواقعي للخبرات.

-         العلاقة بين هذه الخبرات.

والبعد الأول ليس جديداً ، فتحديد الخبرات كان متبعاً من قبل عند تدريس المواد المختلفة. أما البعد الثاني فهو الجديد والذي يضيفه المدخل المنظومي وتنظيم خبرات المنهج كمنظومة يبين ما بين هذه الخبرات من علاقات متبادلة ومتشابكة ومتفاعلة ومتداخلة، ويبرز أهمية كل خبرة علي حدة ، وأهميتها بالنسبة للمنظومة، كما يساعد المتعلم علي وجود معني لما يدرسه، أي يساعده علي التعلم القائم علي المعني، وللخبرة التربوية هنا معني شامل، حيث أنها بدورها تكون منظومة من ثلاثة جوانب معرفي ، وجداني نفسحركي كما هو مبين بالشكل.

جانب معرفي

 

              جانب وجداني                     جانب نفسحركي

 

منظومة جوانب الخبرة التربوية

       وعلي هذا فالمدخل المنظومي يوضح البنية الهيكلية والتنظيمية للمحتوي حيث أنه يراعي معايير التنظيم الفعال من حيث المدي (Scope) وهو المعيار الذي يتعلق بماذا نتعلم، وما تشمله الخبرات من الأفكار الأساسية المتضمنة في المحتوي، ومدي إتساع هذه الخبرات وعمقها والمجالات التي تتضمنها، ومدي التعمق في هذه المجالات وما ينبغي علي كل متعلم تعلمه.

       كما أنه يراعي معيار التكامل (Integeration ) وهو الذي يبحث في العلاقة الأفقية المتبادلة بين خبرات المنهج أو أجزاء المحتوي لمساعدة المتعلم علي بناء نظرة أكثر توحداً توجه سلوكه وتعامله بفاعلية مع مشكلات الحياة.

       ويراعي المدخل المنظومي أيضاً معيار التتابع (Sequence) الذي يؤكد علي أن تكون كل خبرة آتية مرتبطة تبادلياً بالسابقة.

       ولكنها في نفس الوقت يجب أن تؤدي إلى تعميق أكبر للموضوعات التي تتناولها الخبرات، كما أن هذا التتابع ليس خطياً في الإتجاه الرأسي أو الأفقي ولكنه يعني مستويات أعلي وأعمق من المعالجة. فتوزيع موضوعات المنهج وفقاً للمدخل المنظومي تتم في صورة مخروط معرفي في إطار منظومي متصاعد مع الأخذ في الإعتبار زيادة عمق الخبرة وإتساعها كلما إنتقل المتعلم من مستوي تعليم معين إلى مستوي آخر. (فاروق فهمي ومني عبدالصبور، 2001 : 60).

       وإذا كان المحتوي من أهم مكونات المنهج فلا بد لنا أن نتعرف علي كيفية تنظيم المحتوي منظومياً وذلك وفقاً للخطوات الآتية:

1-    تحديد المقرر الدراسي (أو الوحدة الدراسية أو الموضوع) المراد صياغته منظومياً.

2- تحديد الأهداف المختلفة التي يراد تنميتها لدي المتعلمين ، وفي هذه الخطوة يري وليم عبيد ضرورة الخروج من جلباب بلوم حيث الإهتمام بالشكل أكثر من الجوهر، وذلك بالإنتقال من ثقافة الأهداف إلى ثقافة المستويات والمعايير Standards  التي لا يحدها سقف مسبق ولا يحدث فيها تداخل بين الهدف والمؤشرات الدالة عليه (وليم عبيد ، 2001).

3- تحليل المحتوي الدراسي أو الوحدة المطلوب بناؤها بالمدخل المنظومي ، وذلك بهدف التعرف علي أوجه التعلم المختلفة _المفاهيم الكبري والمبادئ الأساسية وأساليب التفكير والإتجاهات والقيم…_ المراد تنميتها لدي المتعلمين من خلال دراستهم للمنظومة.

4-    تحديد مدلول كل مفهوم وفقاً لما ورد في المقرر أو الموضوع أو الدرس.

5-    تحديد المفاهيم السابق دراستها في المراحل الدراسية السابقة واللازمة لدراسة هذه الوحدة أو الموضوع.

6-    ترتيب المفاهيم والمبادئ في مخطط منظومي بحيث يبرز العلاقات بينها.

7- وضع روابط بين المفاهيم والمبادئ لإبراز نوعية العلاقة بينها، ويستخدم لذلك خطوط وأسهم لتشير إلى إتجاه العلاقة مع كتابة تعبير معين علي الخط المشير إلى العلاقة التي بين المفاهيم.

وبناء المنظومات يمكن أن يتم علي مستويات مختلفة، فيمكن بناء مخطط منظومي شامل لتوضيح المفاهيم والمبادئ المهمة التي تؤخذ في الإعتبار عند تدريس مقرر دراسي خلال عام دراسي بأكمله، أو فصل دراسي، وبعد ذلك يمكن الإنتقال إلى بناء مخططات منظومية فرعية توضح جزءاً من المقرر، وأخيراً يمكن رسم مخططات منظومية لموضوعات يتم تدريسها في يوم واحد أو عدة أيام.

(فاروق فهمي ، ومني عبدالصبور، 2001 : 61).

4- نموذج تكاملي مقترح لتنظيم المحتوي

       مما سبق نجد أن المدخل المنظومي يختلف عن المداخل الأخري في أنه يتجنب الخطية في عرض موضوعات المحتوي فهو يقدم الخبرات والمعارف في صورة منظمة تبرز العلاقات فيما بينها، مما يوضح البنية الهيكلية والتنظيمية للمحتوي، كما أنه يراعي التنظيم الفعال للخبرات، بينما المداخل الخطية تقدم الخبرات في صورة منفصلة من بعضها مما يؤدي إلى إكتساب المتعلمين لخبرات متناثرة غير مترابطة تؤدي إلى ركام معرفي مجزأ أي أنها تقدم خبرات غير وظيفية.

       والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل يمكن الإعتماد علي المدخل المنظومي بمفرده في تنظيم محتوي المادة الدراسية؟ والإجابة بالطبع لا نظراً لأن واضع المنهج لا يمكن له أن يتجاهل مستويات التدرج المنطقي للمادة ولا يمكن له أيضاً أن يتجاهل طبيعة مرحلة النمو ومستوي القدرات العقلية للطالب الذي يتعلم هذه المادة.

       ومن هنا يصبح هناك ضرورة للبحث عن صيغة تكاملية بين المداخل الثلاث لتنظيم المحتوي تجعل العلاقة بينها تفاعلية متناغمة ويوضح الشكل التالي نموذج مقترح لتنظيم محتوي المواد الدراسية يعتمد علي التكامل بين المدخل المنطقي والمدخل السيكولوجي والمدخل المنظومي.

 

 

 

المدخل المنظومي

(بسيط – معقد )

 

 

 

 

                                        مفاهيم

 

                        تعميمات                       مهارات

 

المدخل المنطقي                                                المدخل السيكولوجي

(محسوس-مجرد)                                                (مبكر- متأخر)

 

        ويتضح من المدخل الموضح بالشكل أعلاه لتنظيم محتوي المناهج الدراسية أن واضع المنهج يجب أن يختار مفاهيم وخبرات المنهج ويرتبها من السهل إلى الصعب ومن المحسوس إلى المجرد أولاً (المدخل المنطقي) ثم يحدد مرحلة النمو ومستوي القدرات العقلية الواجب توافرها لدي التلاميذ لدراسة هذه المفاهيم والخبرات وتتدرج هذه المستويات من مراحل النمو المبكرة إلى مراحلها المتأخرة ويكتمل التنظيم بتحديد مستوي المنظومية المناسب لكل خبرة أو مفهوم في مرحلة عمرية معينة ويتدرج هذا المستوي من البسيط إلى المعقد وبذلك تتكامل المداخل المنطقية والسيكولوجية والمنظومية في مدخل واحد ثلاثي البعد يمكن أن يرمز له بالرمز (م م س م) باللغة العربية وبالرمز (LSSA) Logical psychological systemic approach   في اللغة الإنجليزية.

 

 

 

 

 

 

المراجــــــع

1-إبراهيم بسيونى عميرة (1987 ) : المنهج وعناصره ، الطبعة الثانية ، دار المعارف.

2-جابر عبد الحميد ، طاهر عبد الرازق (1978) : أسلوب النظم بين التعليم والتعلم ، دار النهضة العربية.

3-حسن حسين زيتون (1999): تصميم التدريس ، رؤية منظومية ، عالم الكتب.

4-حلمى أحمد الوكيل ، محمد أمين المفتى (1989) : أسس بناء المناهج ، دار الكتاب الجامعى.

5-رشدى لبيب (1984): المنهج منظومة لمحتوى التعليم ، دار الثقافة للطباعة والنشر.

6-فاروق فهمى (2001 ): الاتجاه المنظومى فى التدريس والتعليم ، المؤتمر العربى الأول حول الاتجاة المنظومى فى التدريس والتعلم ، القاهرة 17-18فبراير 2001 .

7-فاروق فهمى (2000) : التقويم المنظومى ، مجلة العلوم الحديثة ، العدد الثالث ، ديسمبر 2000.

8-فاروق فهمى (2000) : التقويم المنظومى فى العلوم الأساسية، المؤتمر العربى الأول حول الاتجاه المنظومى فى التدريس والتعلم ، القاهرة 17-18 فبراير 2001 .

9-فاروق فهى ، جولا جوسكى (2000) : الاتجاه المنظومى فى التدريس والتعلم للقرن الحادى والعشرين المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع.

10-كمال عبد الحميد زيتون (1997) : التدريس ، نماذجه ومهاراته ، الاسكندرية ، المكتب العلمى للكمبيوتر والنشر والتوزيع.

11-كوثر حسين كوجك (1997) : اتجاهات حديثة فى المناهج وطرق التدريس ، الطبعة الثانية عالم الكتب.

12-مجدى عزيز إبراهيم (1994 ) : المنهج التربوى وتحديات العصر ، مكتبة الأنجلو المصرية.

13-وليم عبيد (2001 ) : نحو نقلة نوعية فى بناء المنهج ، رؤى مستقبلية ،ورقة بحثية مقدمة لندوة حول ، نحو منهج دراسي متطور فى عالم متغير ، كلية التربية ، جامعة البحرين ، 21 مايو 2001.

14-يحيى حامد هندام ، جابر عبد الحميد (1985 ) : المناهج ، أسهها ، تخطيطها ، تقويمها ، الطبعة السابعة ، دار النهضة العربية.

 

15-Dick , W.& Carey L. (1996): The Systematic Design of Instruction , 4ed., HaperCollinsCollege Publishers.

16-Fahmy, A.F.M & Lagwoski, J. (1999): The use of a Systemic Approach in Teaching and Learning Chemistry of the 21st Century , Pure Appl. Chem; 71 ,5,859-863.

17-Fahmy , A.F.M ; Arief M.H & Lagwoski , J (2000) : Systemic Approach in Teaching and Learning Organic Chemistry for the 21st Century, 16the ICCE, p .45.

18-Frick , T (1995): R695 , Understanding  Systemic Change in Education , http:// education. Indiana. Edu/ Ist/ courese / r695 fric. Html.

19-Frick. T. (1996) : Educational Systems theory , http:// education Indiana. Edu/ Frick/ siggsc. Html.

20-King , K. and Frick , T (1999): Transforming Education : Case Studies in Systems thinking , paper presented at the annual meeting of the American Educational Research Association, April19,1999Montreal,Canada, http://education. Indiana – edu / Fricl / aera 99/ transform. Html.

21-Novak, I & Gowin , d (1994): Learning How to Learn , New York , CambridgeUniversity press.

22-Razek , I. & Swanson , A (1995): Fundamental Concepts of Education Leadership and Management , Prentice Hall , New Jersey.

23-Tilburg University (2000) : Systemic and not Systemic welfare systemic Social Protection only? Paper Rc –19 Conference Tilburg University , August 2000 , http://www . kub.nt/tsw2/home/ worschot /rc 19 / papers / but.htm.