دراسة الشعر العربي ولغز التلقي النقدي

01-05-2014 23:16

يعالج هذا البحث مسألة التباعد بين ما يعلنه دارس النقد الأدبي حين يتبنى مناهج محددة في فهم بعض النصوص الأدبية وتفسيرها، وبين ما يقوم فعليًا بتناوله في ممارسته النقدية، حيث تتمثل القضية بين الرسالة النقدية وبين متلقيها. ونلاحظ في عديد من الدراسات المنشورة وغيرها أن بعض الدارسين يعلنون في مقدمات أبحاثهم عن نيتهم في تبني بعض الرؤى النقدية الغربية، وعندما نبحث عن الأدوات الإجرائية لتلك المناهج لا نرى لها أثرا إلا من إشارة أو من تسلل بعض الأدوات. وقد أدى ذلك إلى تشويه صورة بعض المناهج التي تلقاها الدارسون طيلة قرن مضى، وسبب ذلك يعود إلى الاجتزاء المقصود وغير المقصود لأدوات تلك المناهج، وكذلك إلى عدم اكتمال صورةِ معظمِها حين تلقِّيها لأول مرة، ثم يستمر الدارسون في اقتفاء أثر الدراسات التطبيقية وتمثُّل أشكالها دون العودة إلى المرجعية الأساسية للمناهج في الفلسفة أو في التخصص، وما أكثر الدراسات الفنية والأسلوبية، والآن علم لغة النص...

ونحاول بهذا الصدد أن نلقي الضوء على بعض الدراسات النقدية التي تصدت لتحليل الشعر العربي قديمه وحديثه انطلاقا من (البنيوية التوليدية le structuralisme génétique) للوسيان جولدمان (1913ـ1970)، حيث أعلن أصحاب تلك الدراسات أن الأداة الأساسية في التحليل ستكون (البنيوية التوليدية). ومن تلك الدراسات: الطاهر لبيب: سوسيولوجيا الغزل العذري (1974)، ومحمد بنيس، ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب، مقاربة بنيوية تكوينية (1978).

ويجيب البحث عن مدى وجود الأدوات الإجرائية الجولدمانية في تلك الدراسات، من ناحية، ومن ناحية أخرى، عن مدى تأثر هؤلاء الدارسين بلوسيان جولدمان حين تصدّى لتحليل الشعر، في كتابة (البنى العقلية والإبداع الأدبي، 1974 ـ Structure mentale et création culturelle). هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا البحث في كل مرة نرْقُب درجة القرب عن المصدر الأصلي أو البعد عنه.