الترجمة والتأليف الموازي: ترجمتان عربيتان لـ _تحت ظلال الزيزفون_ لألفونس كار

11-05-2014 21:58

لم يعرف المنفلوطي (1876-1924) لغة غير العربية ولم يتعلم غير أدبها، ومع ذلك عرَّب أربعة أعمال أدبية في شكل روايات، لاقت نجاحات كبيرة لا تكاد تقارن ـ إلى الآن ـ في جميع أنحاء العالم العربي هي: (ماجدولين، أو تحت ظلال الزيزفون، 1917) و(في سبيل التاج، 1920)، وقد عربها عن أصل مسرحية تحمل العنوان ذاته (Pour la Couronne) للكاتب الفرنسي فرانسوا كوبيه (1895)، و (الشاعر أو سيرانو دي برجراك، 1921)، التي ألفها مسرحيَةً الكاتبُ الفرنسيُّ Edmond Rostand عام 1898، و (الفضيلة، أو بول وفرجيني، 1923)، نقلها عن روايةِ الكاتب الفرنسي Bernardin de Saint-Pierre. وقد نقل المنفلوطي هذه الأعمال متوالية، ولكن ذلك بدا مزعجا لكثير من دارسي الأدب بوجه عام، ودارسي الترجمة بوجه خاص، ولابد هنا من معرفة سبب هذا الانزعاج، وِمن الأوْلي أيضا ـ في هذا الصدد ـ أن نتبين محتوي نص المنفلوطي، ومن ثم عقد الموازنة بينه وبين ترجمة عمر أمين للنص نفسه مع مقارنة ذلك بالأصل الفرنسي لرواية (تحت ظلال الزيزفون) لمؤلفها Alphonse Karr. وتمثل الإجابة عن التساؤل عن نوع نص المنفلوطي وطبيعة ما صنعه فيه محور هذا البحث، وذلك بالمقارنة مع النص الأصلي عند ألفونس كار.

هل لنا أن نفترض أن صنيع المنفلوطي هذا قد عُدَّ ـ في وقْتِه ـ وسيلةً لنقل المعارف الأجنبية على غرار ما كان يحدث من تعريب أو تمصير للروايات وللمسرح العالميين؟ أعُني بهذا العمل الترجمة الأمينة لمحتوي النص الأجنبي، أم ماذا؟ وإنْ كان ذلك كذلك، فهل بقِيَ التعريب مطلوبا في عصر نبحث فيه عن الترجمة الآلية؟ وإن لم نقبلْ هذا كلَّه، فماذا عسانا أن نسمي هذا اللونَ من نقلِ الآدابِ الأجنبيةِ؟ أترجمةً نسميه أم نقلاً أم تأليفًا أم ماذا؟ فَلْنعرضْ ذلك على ما بين أيدينا من مفاهيمَ معاصرةٍ لنظريات الترجمة، ولنر ماذا تطرح من إجابات.