التصميم الداخلى للمسكن المحلى بين الاصالة والمعاصرة

19-11-2015 09:37

حمل تصميم المسكن المحلى خصائص متنوعة جمع فيها بين ما ورثه المصريين عن أجدادهم  فى تصميم مساكنهم ، وبين ما فرض عليهم عن طريق الإستعمار والحضارات الغربية لتصبح العمارة المصرية خليطا ً من الطرز الأوروبية والطرز المصرية .

 ثم زالت هذه الطرز لتحل محلها العمارة الأوروبية الحديثة فى الأربعينات تقريبا ً ، و التى سيطرت على جميع أنواع المبانى العامة منها و الخاصة ، وذلك دون مراعاة للمؤثرات البيئية فى البيئة المحلية وكذا طبيعة الانسان المصرى واحتياجاته الاجتماعية والثقافية على حد سواء .

ومع توالى الحقب التاريخية التى اثرت على العمارة المحليـة اختفت المعالم المعبرة عن الثقافات المختلفة التى انصهرت على ارض مصر ، لتختفى هويتها التاريخية , الا فى القليل من الاماكن , مما أفقدها كل المعايير القياسية للمعاصرة .(فتحى بلا تاريخ، 58)

ففى اقل من قرن من الزمان اختفت معالم حضارات نشأت واستمرات لالاف السنوات ، فطمست ليس فقط تخطيط المدن واشكال الشوارع والميادين وعمارة المبانى العامة والخاصة , ولكن ايضا جميع عناصر التصميم الداخلى والخامات المستخدمة فى اعمال الحوائط والارضيات والاسقف ومفردات الفراغات الداخلية من اثاث ووحدات اضاءة واكسسوارت وكافة متطلبات الحياة اليومية .

وعلى الرغم من انتهاء الاستعمار وتحقيق الاستقلال التام للبلاد منذ اكثر من ستة عقود ، الا ان اعمال التصميم الداخلى ومفرداتها لا زالت لا تعبر عن هوية البلاد ولا تحقق الاحتياجات الاجتماعية للسكان .

ومن هنا ظهرت اهمية هذه الدراسة التى تبحث فى الاسباب التى وراء غياب الهوية المصرية عن اعمال التصميم الداخلى والاثاث للمسكن المعاصر , وكيف فقد التصميم الداخلى للمسكن المحلى اهم دعائمه ؟ , فهل فضل المصريون مواكبة العصر وقطع الصلة بالماضى ومفاهيمه وطرزه لملاحقة الاكتشافات الحديثة والتطور المستمر , عن الانتماء للبيئة والمجتمع والتعبير عن الهوية الثقافية النابعة عن اصالة الاجداد وموروثاتهم ؟ , ام ان تاثير عصر العولمة والحياة المادية قد امتدت الى تفاصيل الحياة اليومية واحتياجات الفرد داخل مسكنه ليجبر المصريين على التخلى عن موروثاتهم واحتياجاتهم الاجتماعية فى مقابل رغد العيش واستخدام الاساليب التكنولوجية الحديثة ؟ , او عدم قدرة المصمم المعاصر على المزج بين موروثات الاجداد وتطلعات الشباب ؟ .

ان البحث فى الاسباب التى ادت الى فقدان الهوية المصرية قد تكون اولى خطوات استعادتها فى التصميمات المعاصرة وكذا الشعور باهمية الموروثات الثقافية وحفظها من التلاشى . حيث اصبحت مسالة حماية التراث الثقافى والحفاظ على الموارد الثقافية فى غاية الاهمية فى هذا العالم الذى يتغير بشكل سريع اليوم تلو الاخر . وذلك بهدف الحفاظ على هوية البلاد وطبيعتها الجوهرية فى مواجهة العولمة من خلال اعمال التصميم الداخلى التى تعد الاقرب للانسان حيث يتعامل معها فى مزاولة كافة انشطته اليومية داخل مسكنه .