الفضاء السير-ذاتي ومساءلة النص في أعمال سلامة موسى

11-05-2014 22:15

ينطلق سلامة موسى في سيرته الذاتية (تربية سلامة موسى) التي صدرت لأول مرة عام 1947، ثم أعيد نشرها عام 1958 ضد التقاليد التي كانت سائدة في الشعب المصري بين عامي (1895ـ1957). وقد ركز كليةً على التمزق الداخلي للبطل/السارد الذي كان ثمرة التناقض الثقافي والتعليمي في مجتمع تسوده تلك التقاليد، وبخاصة ـ كما يرى هو ـ في مصدرها الإسلامي. وقد كانت أحداثُ إشكالية البحث عن الهوية identité في مركزِ النص السيرـ ذاتي الذي مثّل إطارا سرديا يُقارب الرواية ولا يتطابق معها. لذلك يتساءل هذا البحث عن تلك الهوية وعن (الأبعاد السيرـ ذاتية ـ dimensions autobiographiques) في النص الذي يتمتع بخصوصية تساعدُ في الكشف عن (فضائه السيرـ ذاتي l’espace autobiographique)، ليس فقط من حيث الأشخاص والأحداث والحكايات التي شكّلته، بل من خلال علاقة هذا النص ذاته (تربية سلامة موسى) بمجمل نصوص سلامة موسى الفكرية والتخييلية: قصصية (المدينة الخاطئة 1930، افتحوا لها الباب 1962، زوجي تزوج 1993)، أو غيرها (مقدمة السيبرمان 1909، نشوء فكرة الله 1914، الثورات 1953). وذلك لأن المشروع السير ذاتي له يحتلُّ مكانةً ظاهرة في كل أعماله تكشف عن التزامات فكرية وسياسية واجتماعية من ناحية، وعن رؤيته تجاه العالم من الناحية الأخرى.

وتوضح هذه الدراسة مدى التجدد الذي أضفاه العمل الأساسي بوصفه سيرة ذاتية مباشرة على ما احتوته الأعمال السابقة عليه من أفكار التزم بها المؤلف، وكذلك مدى تَمثُّل محتوى تلك السيرة فيما تلاها من أعمال، مع مراعاة التتابع الزمني الذي يكشف بدوره عن _الميثاق السيرـ ذاتي_ في العمل الأساسي، وما إذا كان قد امتد محتواه إلى الأعمال الأخرى (للكاتب نفسه)، فهل كشفت هذه الأعمال عن _فضاء مُوحَّد ومتماسك من خلال الالتزام والهوية ؟ وما الأدوات والأفكار التي تعرضها النصوص لتبين هذا الفضاء؟ وهل سدّت بعضُ تلك الأعمال ثغورا في سيرته الذاتية؟ هل تعبر الحكايات السردية البسيطة لسلامة موسى عن مشروعه الفكري؟